بسم الله الرحمن الرحيم
شبكة الانترنت
رؤيـة دعـويـة
شبكة الانترنت تعتبر بحق نافذة العصر العملاقة ، فهي نافذة القرن الحادي والعشرين ، هذه النافذة التي حولت العالم كله إلى شاشة صغيرة أمامك تتحكم فيها بلمسة زر ، فترى العجب العجاب ، الحق والباطل ، الخير والشر ، العلم والجهل ... الخ ، أي انك تجد فيها كل المتناقضات والمتضادات ، وما لا يخطر على عقلك وثقافتك وخواطرك مهما غاليت فيها ، وقد ابتلعت هذه الشبكة الضخمة شتى وسائل الاعلام المقروءة والمرئية والمسموعة ، ودمجتها فيما يسمى بالوسائط المتعددة ، وزاوجت بين امكانيات الحاسب الالي الهائلة في التخزين والاسترجاع والاتصالات ونقل البيانات وبثها ، وبين الأجهزة الأخرى التي تتفاعل معه وتؤدي خدمات متعددة كثيرة ، فهي فيض من المعلومات المتدفقة بلا حدود ، فمن خلالها تجد كل ما تريد ، وما لا تريد ، فما تريد تبحث عنه في أماكنه ، وما لاتريد قد يهجم عليك دون استئذان ، ونظراً لما تتمتع به هذه الشبكة من شهرة عالمية ، واقتحامها بلادنا ومجتمعاتنا ، وغزوها لعقول أبنائنا وبناتنا ، لذا لا بد من تبيان آفاقها الدعوية وفوائدها المتنوعة ، وكذلك مضارها الكثيرة ، حتى نستثمر الفوائد ، ونوظفها لصالح أمتنا ودعوتنا ونشر قيمنا الاسلامية الرائدة لهداية البشرية بإذن الله ، وفي نفس الوقت يجب علينا أن نحذر ونحذّر المجتمع الاسلامي والانساني من المضار والرذائل التي تذخر بها هذه الشبكة العملاقـة ، ومن ثم نعمد بعد ذلك إلى شرح المهارات البحثية فيها .
لمحة تاريخية موجزة :
إن تاريخ هذه الشبكة يعود للعام 1969م عندما أنشئت تحت مسمى ARPAnet وهي شبكة منفردة كان الغرض منها هو الربط بين الجامعات والمعاهد البحثية ، ثم تطورت وتوسعت بعد ذلك ومن أبرز ملامح هذا التطور ما يلي :
1972م كتابة أول برنامج للبريد الالكتروني وبدء استخدام الرمز @ للمرة الأولى .
1974م : تم نشر مواصفات بروتوكول التحكم في النقل TCP الذي يتيح تبادل البيانات بين أنواع مختلفـة من الشبكات وسرعان ما تم تقسيمه إلى البروتوكولين TCP/IP ( Transmission Control Protocol / Internet Protocol )
1978م تم إرسال أول بريد إلكتروني .
1979م : تم إنشاء أول مجموعة للمناقشة على الخط .
1981م : أنتجت شركة IBM أول جهاز كمبيوتر شخصي PC والذي اعتمد نظام التشغيل DOS 1.0 .
1982م : أصبحت شبكة ARPAnet شبكة عالمية للشبكات بفضل البروتوكول السابق .
1984م : الاتفاق على المجالات الرئيسية الستة الأولى لمواقع الانترنت وهي : edu , org , com , gov , net , mil .
1990م : انتهت شبكة ARPAnet ، بعد 21 سنة في الخدمة .
1991م : تطوير بروتوكولات الشبكة العنكبوتية العالمية www والتي جعلت من السهل مشاركة ورؤية وربط المواقع المختلفة على الانترنت .
فوائد الانترنت الدعوية :
لاشك في ان هذه الشبكة الضخمة تمثل فضاء واسعاً من المعلوماتية ، فهي تغطي كافة الأنشطة البشرية ، ولذلك فهناك الكثير من الفوائد والثمار التي يمكن لمجتمعاتنا أن تجنيها من هذه الأنشطة الدعـوية والاقتصادية والعلمية والتقنية ... الخ ، ومن أهم الفوائد الخيّرة في هذه الشبكة ما يلي :
? المواقع الاسلامية : وهي كثيرة جداً بحمدالله ، وتعمل على نشر الدعوة الإسلامية بصورة هادئة متزنة ، بعيدة عن الغلو والتطرف ، وقد استفادت من إمكانيات هذه الشبكة ووظفتها توظيفاً سليماً ، ففيها البث الحي للمحاضرات لكبار العلماء والدعاة ، وكذلك الانتاج العلمي والدعوي والتعليمي لهم ، وبالطبع فهناك من هذه المواقع من يحمل مسميات برّاقة وخادعة ، ثم نجد المحتوى الداخلي لها خرافات وبدعيات ، والأسوأ أن تجد هجوماً شديداً على المسلمين ، أي ان بعضها تبث الفتنة وتوقد نار العداوة والطائفية البغيضة ، فمثل هذه المواقع يجب غربلتها والتمعن في محتوياتها ، وتقييم المواد العلمية التي تحملها ، وهذه مهمة الداعية الحصيف ، فلا ننخدع بمجرد حلاوة العنوان ، بل لا بد من الاستيثاق من المواقع التي تحمل مسميات إسلامية ، ونعرف عن أصحابها ومن فيها ، وينبغي على الداعية اللبيب الاطلاع الدائم على المواقع الاسلامية والتواصل معها ، والحرص على المساهمة في تحديثها والاستفادة مما فيها من مواد دعوية وفقهية ... الخ ، وتفاعل الدعاة مع هذه المواقع يزيدها ثراءً وقوة وفاعلية ، وصموداً في مواجهة المواقع الباطلة والفاسدة ، وينبغي أيضاً التنويه بها في كل المنتديات الأخرى حتى يكون لها شعبية بين الناس على اختلاف مستوياتهم . وكذلك من الواجب عليهم التحذير من المواقع المخربة والاشتراك معهم بغرض دعوتهم إلى الحق وإلى الصراط المستقيم .
? المواقع التعليمية : والتعليم دعوة إلى العلم والخير ونفع الناس ، وهذه المواقع تضم مراكز البحث العلمي ، والجامعات الالكترونية ، والتعليم عن بعد ، وهي تساهم بصورة فعّالة في تبادل الخبرات التربوية والتعليمية والاستفادة من التجارب العالمية في مجال التربية والتعليم ، فالحكمة ضالة المؤمن ، ولا شك في ضرورة تنقية كل ما نحصل عليه ، وذلك بما يتلاءم مع قيمنا وعقيدتنا ، وهذه أيضاً مهمة الداعية .
? المواقع الحكومية : وهي من المواقع الهامة التي يسرت ربط المصالح والدوائر والمؤسسات ، وقد ظهر مؤخراً مصطلح الحكومة الالكترونية كنوع من التطوير والفاعلية لأداء المصالح الحكومية ، وأدّى ذلك إلى انسياب الأعمال والمصالح بلا عوائق .
? المواقع التجارية والطبية والاجتماعيـة ..... الخ ، فهناك مواقع لشتى المواضيع الجادة والمفيدة ، قد يسرت سبل الحياة التجارية والعلمية والاقتصادية .. الخ ، وهي مواقع تهم المختصين في كل علم وفن وتخصص مهما دقّ .
? المكتبات الرقمية : وهي إحدى معالم الانترنت الحديثة ، ومن خلالها يتم عرض التراث الفكري ، وخاصة المخطوطات الاسلامية التي يتم تحويلها إلى الصورة الرقمية ، فيمكن في هذه الحالة عرضها لكل الباحثين وتصفحها دون خوف التلف ، وانتشر كذلك الكتاب الالكتروني وأصبح واقعاً ، وان لم يحقق الانتصار على الكتاب الورقي نظراً للاشكاليات الكثيرة التي تحيط به ، ولكننا استفدنا من المكتبات الرقمية في مجموعات الحديث والفقه والتاريخ ... الخ ، فيسرت سبل البحث ، وأفادت الباحثين ، وإن كان الوسط الاكاديمي في جامعاتنا لم يقبل التوثيق والعزو الالكتروني أو الرقمي حتى الآن ، ولعل بعض أسبابهم قد تكون وجيهة ومقبولة ، ولكن هذا لا يمنع من العمل على تلافيها والاستفادة القصوى من النشر الالكتروني المتطور .
? المواقع الاعلامية : وهذه المواقع تأخذ حيزاً كبيراً ولها تأثير فعّال ، وكما أسلفنا فالانترنت متعددة الوسائط فيها الصحف والدوريات بشتى أنواعها والاذاعة والتلفاز والفيديو ...الخ ، ويجب الحذر من كثير منها والارتياب فيما تبثه ، فبعضها عبارة عن صدى للاعلام الغربي المعادي لعقيدتنا وقيمنا ، فالاعلام الذي يعبّر عن أمتنا العربية الاسلامية قليل جداً في بحر الانترنت الهائج المائج ، ومهما أبحرت في الانترنت فلن تجد الاعلام الاسلامي الصادق إلا كقطرات لامعة تبرق هنا وهناك ، ولكنها قطرات الخير والهداية للبشرية ، يقول تعالى : " فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال " الرعد 17 . وينبغي ألا نغتر بانتفاش الباطل ، وكثرة خيله ورجله ، ولنستبشر بقوله صلى الله عليه وسلم : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " ، والحمدلله أن هناك من المسلمين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه قد برعوا في إنشاء مواقع إعلامية معبرة عن أمتنا العربية الاسلامية ، وهي في ازدياد مستمر بإذن الله ، وقد اتاحت لنا سبل الاتصال الحي بالعلماء العالمين والاستفادة منهم ومن علمهم كما أسلفنا .
? قواعد المعلومات : وهي توفر نسخ الكترونية من الأبحاث المنشورة في حقل معين ، وتقبل قواعد المعلومات هذه الأبحاث والتقارير الفنية من البحث مباشرة ، وتقوم بنشرها وجعلها متاحة للباحثين والمهتمين ، ولكنها لا تخضع للمراجعة الدقيقة للتأكد من موثوقيتها وجودتها العلمية .
? المواقع البحثية : وهي من المواقع المهمة التي تختصر الوقت ، وتدلنا على ما نريد من المواد البحثية في أسرع وقت ، وهي كثيرة ومتنوعة ، فمنها العربية ( عجيب وصخر .. الخ ) ، والعالمية ( ياهو وهوتميل وجوجول ..الخ ) والمواقع البحثية إجمالاً خاصة العالمية منها مما يجب الحذر في التعامل معها إذ أنها تضم الغث والثمين .
م
ن
ق
و
ل