لقاء مع شيخ قبيلة ولد علي الشيخ/محمد بن سلطان بن سطام الطيار
[size=16]السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
لقاء مع اللواء الشيخ /محمد بن سلطان بن سطام بن
كنعان الطيار شيخ قبيلة ولد على من عنزة والملقب كما هو معروف بين عيال
وائل " بأبو عنزة ".. والذي قام بإعداد هذه المقابلة مشرف الحوار والنقد /
طارق المعجل. [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]س : حبذا لو تعطينا فكرة عامة عن ولد علي من حيث الأقسام والفخوذ ؟ولد علي قبيلة هائلة وكبيرة جداً من حيث العدد ، وامتدادها الجغرافي عظيم
فهم ينتشرون من اطراف المدينة المنورة حتى شمال المملكة ، دخولاً في
الأردن ، حيث ينتشرون في مناطق شمال الأردن وجنوب سوريا في حوران الى
اطراف دمشق ، ثم باتجاه الشرق في البادية السورية المحادة للعراق ، ومن
شرق المدينة المنورة يمتدون حتى عمق نجد ، وكان لهم وقائع تاريخية مشهودة
في كل تلك المناطق ، وقد تحدث ابن عباد في تاريخه وكذلك الفاخري ،
بالإضافة لابن ربيعة وابن بشر وتاريخ ابن بسام ، كلهم تناولوا جوانب من
تاريخ ولد علي وبني وهب بشكل خاص وعنزة بشكل عام في تلك المناطق ، حيث
أرخوا لتاريخ نجد على مدى مئات السنين فكان لقبيلة عنزة عامة وبني وهب
خاصة نصيب الأسد من الذكر المشرف .
وولد علي وحدة واحدة وكتلة متكاملة لا تتفرق ولا تتجزأ ، أو على الأقل
هكذا ننظر إليها نحن ، ولكن درج تقسيمها إلى ثمان فخوذ رئيسية هي :
المشادقة – الطلوح – جبارة - الحمامدة - المشطة - الدمجان - العطيفات - القذالمة
س : ما هي قصة لقب أبو عنزة ؟ارتبط هذا اللقب بالطيايرة منذ زمن قديم جداً ، وأول من حمل هذا اللقب هو
عبدالعزيز الطيار رحمه الله تعالى حين كانت عنزة حول المدينة المنورة وفي
اطراف نجد ، فقد كانت ولا زالت علاقة الطيار بعنزة علاقة الأب بأبنائه ،
وهو دور واجب نتناقله ونوصي ابنائنا على تحمل أعبائه ، والعمل بمسلك
يتوافق وهذا اللقب ، فنحن مثلاً لا نفرق بين عنزة من حيث القرب أو البعد ،
فكلهم بحساب واحد كأقرب قريب .
س : ما هي قصة كافر النفس ؟ وهل هي حقيقة أم خيال ؟كافر النفس أول من حمله هو جدي كنعان الطيار رحمه الله ، وهو سيف تروى عنه
الأعاجيب ، وكقناعة شخصية ما يروى عنه حقيقة وإن شابها بعض المبالغات بسبب
النقل ومبالغات الرواة ، ولكن قصته في المجمل حقيقية ، وهو موجود اليوم في
دمشق ، حيث أودعته جدتي خزنة الملحم رحمها الله تعالى لدى أسرة الصفدي
الدمشقية كأمانة باعتبار ان والدي حينها كان صغيراً بالسن لم يتجاوز
العاشرة ، وكانت والدته تخشى عليه من المغازي والحروب ، وخاصة أن مما يقال
عن السيف أن كل من حمله يقتل بالضرورة بسبب أن السيف يعطي لحامله ثقة
بالنفس عجيبة فيقتحم دون خوف ، كما أن فترة ظهور والدي كانت فترة الأسلحة
النارية ولا دور للسيوف فيها ....
أما قصة السيف فهي أن كنعان الطيار ذكر له الرعيان أن أحد الرعاة رمى ناقة
خلوج بحصاة في رقبتها فاخترقت الحصاة رقبة الناقة وقتلتها ، فطلب منهم أن
يدلوه على مكان الحصاة ، وحين رآها وجد انها قطعة من حصاة أكبر منها (
ويبدو أنها قطعة من نيزك سقط من السماء ) فحملها كنعان وذهب للكهفه بالقرب
من حائل ، وأعطاها للمزيني ، وهو صانع سيوف وطلب منه أن يصنع منها مخرازاً
وهو عنده ، فلما أتم صناعة المخراز قال له كنعان سآخذ المخراز ، وسأبقى
لديك باقي القطعة لتصنع لي منه خنجراً وسيفاً أو أيهما ترى أن القطعة
تكفيه ، وسأعود إليك بعد مدة لآخذه منك ...
وبعد مدة عاد إليه كنعان وطلب منه السيف ، ولكنه أخرج له سيف طويل وجميل
وموشى بالحلي والجواهر ، فأخذه كنعان وأخرج المخراز وضربه به ، فانكسر
السيف ، فقال له كنعان سأقتلك
إن لم تخرج لي السيف الصحيح ، فعرف المزيني بأن ليس له حيلة ، فأخرج له السيف الصحيح فوراً
ومن قصائده التي ورد فيها ذكر للسيف قوله :
قم يالمزيني خنجري سوهالـيوأنا علي أشراعه أن مهلّت لي
حقٍ علي أشراعهـا بالتوالـيأقضي ديونٍ يالمزيني غدت لي
كفيت عيونك شر سود الليالـيويمينك اللي بالعدل أنصحت لي
حديدها من مصنعة جان غالـيمن يوم شفته يالمزيني زهت لي
صناعها عمـال فتـل الكمالـيبتقانها عورج مع النثـر فتلـي
س : ماذا تعني لك خيبر ؟خيبر مرحلة من تاريخ هذه الأسرة وهي تاريخ نعتز به ، كاي مرحلة أخرى من مراحل هذه الأسرة في مناطق كثيرة ..
س : ( راعي البويضا ) نخوة الطيار ، ما هي قصتها ؟الحقيقة أن راعي البويضا هي نخوة خوالنا الملحم ، واعتزازاً وحباً ووفاءً
من والدي لخواله الملحم كان ينتخي بنخوتهم .. أما قبل ذلك فكان الطيايرة
ينتخون بالملحا ، وهي النخوة التي تجمع ولد علي كافة ..
س : هناك قصة طريفة حصلت مع والدكم في آواخر حياته حين أجريت له عملية جراحية ، حدثنا عنها ؟نعم وذلك حين قام الأطباء بتصويره بالأشعة ووجدوا رصاص متفرق في جسده ،
فرفض الطبيب الأجنبي أكمال العلاج ظناً منه أن هناك جريمة جنائية أو ما
شابه ، وطلبوا حضوري في إدارة المستشفى للاستيضاح ،
فشرحت لهم أن هذه الرصاصات هي من بقايا معاركه القديمة رحمه الله ، وقد لحم عليها اللحم ...
س : هل يتوفر لديك بعض القصايد المشهورة للشيخ سطام الطيار والشيخ سلطان الطيار ؟أغلب قصائد جدي سطام رحمه الله ذهبت في صدور رواتها وحفاظها من كبار السن
رحمهم الله ، ولم يتبقى الا القليل ، منها قصيدته حين حاول مجموعة من
الفرسان ان يهجدوه وهو فارس جنب مع ابله ورعيانه بعيداً عن النزول ، فحين
أخذ جواد يرهم حين اشتم رائحة الخيل من بعيد ، ضحك رحمه الله وقام لطيره
ليعشيه ، وهو يردد ( تعش يا نوقرة .. باكر تجينا الخيل ويسيل الدم من
دوقرة لقورنة ) ، ودوقرة ونوقرة معالم جغرافية معروفة في شمال المملكة ،
يقول سطام الطيار :
الطير عيا عن عشـاهيتنا مفاليـح الصبـاح
وذيب الخلا جار عزيزيومين جايع ما استراح
أرمي له بكفي غـداهيبشر وانا له بالفـلاح
لعيون من تضحك شفاهوليا زعل ما من سماح
أطعن وشوفي ما تبينيا هيه يا ضبي البيـاح
سرحان وطيري وناقتيكل ٍ رجانـي للفـلاح
أما والدي رحمه الله فمن قصائده قوله :
يا راكب اللي عدها رف شيهـانعملية ٍ تزهى الرسن بالشـدادي
مقيضها النقرة مغاريب حـورانومرباعها يم القـرى بالحمـادي
تشدى ظليم بناعم الريش طربـانمنذار من حزم ٍ بدابـه سـوادي
حر ٍ شراري من سلايل وضيحانمنوة مطاريش الديـار البعـادي
وصل كلام ٍ من مواريث كنعـانأمر من ضرب السيوف الهنـادي
كلام يودع ميـت القلـب حيـانيا خبول ممشاكم على غير قادي
العز ما هو بالغنم عبس الالـوانالعز فوق معسكـرات النجـادي
أنا نهضت بلابـة ٍ تقـل عقبـاننسقى العدا كاسات مر النكـادي
من باعنا بالرخص بعناه خسرانولاني بحـال قريبيـن المعـادي
وهي أطول من ذلك
س : هناك أمثال تتناقلها البادية التصقت باسم الطيار
كقول أحدهم ( فلان غايب طيايرة ) ، وقولهم ( مثل سنة الطيار ) ، وقولهم (
فلان ما يهوش مع جمع الطيار ) ؟ حدثنا عن قصص هذه الأمثال ؟غايب طيايرة ، لأن الطيايرة لا يفيقون النائم من جماعتهم ولا يفزعونه ولا
ينتظرون الغائب في حال أصبح عليهم غزو أو أرادوا الغزو ، فالحاضر يسد عن
الغائب ، كما أنهم يتركون للغائب منهم حصته سواء من الغنائم أو الطعام ....
أما سنة الطيار ، فهي يضرب على شدة الكارثة ، حيث جاءت سنة أبادت أذواد
الطيار ، فقد أمسى الطيار وكل شيء بخير ، وحين أصبحوا كان عليهم في المكان
الذي هم نازلين فيه صقيع لم تشهد له البوادي مثيلاً ، فأبيدت كل قطعان
الطيار ، فأصبح مثلا يقال ( فلان جاه مثل سنة الطيار )
أما القول فلان ما يهوش مع جمع الطيار ، فهو كناية عن قوة جمع الطيار ،
حيث أن حتى الجبان يهوش معه ويكسب وهو سالم كناية عن قوة جمع الطيار ،
فيضرب المثل على شدة جبن الرجل فهو حتى لو كان مع جمع الطيار لن يفعل ،
ومن ذلك قول الشاعر هاجياً أحدهم :
لو هو بجيش ذياب ما جاب له فود /// ولو هو مع الطيار ما يرجهني
س : شارك الشيخ سلطان الطيار رحمه الله في حركات التحرر العربية مادياً ومعنوياً ، ووصل دعمه الى ليبيا والجزائر ، حدثنا حول هذا ؟بالفعل رحمه الله كانت له مواقف تحررية وانطلق في جهاده قبل أن تعلن
الحركات الجهادية عن جهادها ، فكان يقدم لهم المدد مالاً وسلاحاً ورجالاً
، وقد شكل قوة من المجاهدين حول دمشق وفي منطقة القلمون لا يزال يتذاكر
قصصها كبار السن في بلاد الشام ، حتى أنه حكم عليه مرتين بالإعدام من
محاكم المستعمر الفرنسي لكثرة من قتل من الفرنسيين ، بل وقد هاجمت طائرات
ومدرعات الجيش الفرنسي قبائل ولد علي على مدى يومين متواصلين ، وهي قصة
معروفة على سفح جبل مانع ، وهو الآن يعتبر ضمن دمشق بعد أن توسعت دمشق ،
فاضطر لتسليم نفسه بعد فترة لتكرار تهديدات الفرنسيين لولدعلي ، ولكن لم
ينفذ بالطبع حكم الإعدام به خوفاً من ردة فعل قد تسبب اشكالات للفرنسيين ،
فأطلقوا سراحه شرط أن يخرج من بلاد الشام وبالفعل ، عاد لأرض ابائه
وأجداده ، حيث استقبله في العشرينات الميلادية الملك عبدالعزيز رحمه الله
في الرياض بإعزاز وإكرام لا يستغرب من المغفور له الملك عبدالعزيز ...
س : ما هي قصة أسرك للجنود الإسرائيليين ؟ وكم عددهم وفي أي عام ؟هذه الحادثة التي تسأل عنها في حقيقة الأمر بعد أن اكتمل رشدي العسكري
تبين لي أنها عمل متسرع ، فلم تكن حالة بطولية وإنما كانت حالة من
انفعالية الشباب ومخالفة لكل الأعراف العسكرية ولو حصل معي في ذلك الوقت
تحقيق جدي ولم أحظ بتعاطف المحققين لسجنت مع الطرد من الخدمة العسكرية .
والقصة هي أنني تخرجت حديثاً ( في ذلك الوقت ) من مدرسة المرشحين برتبة
مرشح ، وهذه الرتبة تخولني الترقية إلى رتبة ملازم بعد سنة إذا حصلت على
تقرير ممتاز أو جيد جداً خلال فترة التجربة ، وقد تم إلحاقي إلى لواء
عالية الكتيبة الثالثة وكانت هذه الكتيبة موزعة على خطوط الهدنة بين العدو
والعرب في منطقة نابلس ، وقد استلمت قيادة فصيل ، والفصيل مؤلف من ثلاثة
حضائر والحضيرة عشرة أفراد والتسليح بنادق عادية مع ثلاثة رشاشات بروننق
وكلفت بالدفاع عن قرية اسمها ( حبلة ) تبعد عن مدينة قلقيلية عشرة كيلو
متر جنوباً على نفس خط الهدنة بين الضفة الغربية والعدو الإسرائيلي ،
وللعلم مدينة قلقيلية تبعد عن شرق ساحل البحر الأبيض المتوسط 12 كيلو متر
فقط ، والمنطقة التي استلمت مسئوليتها كانت مكشوفة للعدو ، وفي صباح كل
يوم تأتي دورية من العدو مؤلفة من عشرين جندي ويتمركزون على مرتفع بالقرب
منا على نفس خط الهدنة ولا يفصلنا عنهم سوى منطقة بسيطة ، وهذه المنطقة
محرم الدخول عليها ومنها ، وهي تقريباً مسافة كيلو متر ، ثم يبدؤون
يراقبوننا في مناظيرهم ، وخلال هذه الفترة أعمل على استنفار لجنودي
فيجلسون بخنادقهم إلى أن ينسحب جنود العدو من المرتفع ، واستمروا على هذه
الحال من الاستفزاز أكثر من شهر ضقت ذرعاً بهم ، ففكرت بتحرير المرتفع
واحتلاله وأسر الصهاينة والقضاء عليهم ، وهم في العادة يأتون إلى المرتفع
بحدود الساعة العاشرة صباحاً ثم يضعون أسلحتهم ويبدؤون بتناول إفطارهم
ومشروباتهم ...
فجمعت قسم الأمر المؤلف من رقيب ( وكان اسمه عواد القرم من قبيلة السردية
الأردنية ، وهو أصله عنزي من العمارات على ما اعتقد حيث كان أهله جلوية
عند السردية ) ، وقادة الحظائر الثلاث ، ثم رسمت طاولة رملية للمنطقة التي
أريد اقتحامها ووضعت لكل حظيرة واجب وتوزيعهم على المرتفع ، ثم بدأت أشرح
لهم الخطة وأهدافها ، وقلت لهم كما تعلمون هؤلاء الأعداء مغتصبين لأرضنا
ويومياً يستفزوننا ويجب أسرهم أو القضاء عليهم ، فوافق قادة الحظائر
الثلاثة على الخطة ، فيما عدا مساعدي عارضها بالقول : كيف نقوم بهجوم بدون
أوامر !! وهذه مسئولية كبيرة نحاسب عليها وبالأخص أنت قائد الفصيل !! ،
فقلت له : الأوامر تصدر مني وعليك أن تنفذ الأمر .. وتعلم بأن من يخالف
الأمر في المعركة يقتل . فأجاب : هذا صحيح ولكن هذا بالمعركة . فقلت له :
وأنا أريد أن عمل معركة . ثم سحبت مسدسي بانفعال شديد ، وقلت عليك تنفيذ
الأمر ، فنظر الرجل إلى قادة الحظائر وكأنه يستفزعهم .. فقالوا له بأنهم
وافقوا على الخطة ، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ويظهر أنه اعتقد
بأنني إذا لم ينفذ سأقتله ، وشهادة للتاريخ أن ذلك الرجل كان على حق من
حيث الضبط العسكري ، فقد كان راشداً ويبلغ من العمر 45 سنة وشارك في حرب
فلسطين (48) وأنا كنت شاباً عمري لا يتجاوز 19 سنة ولم أشارك في حينها بأي
حرب ، أنا وقادة حظائري (وأنا أطلب له من الله الرحمة والغفران حيث قضى
نحبه في حادث أليم ) ...
ثم أتممت الخطة وشرحت لهم عمل كل حظيرة على الطاولة الرملية ، وقلت لهم
سنتقدم قبل مجيئهم للموقع بساعة للتمركز على المرتفع ، حضيرة تستلم موقعها
على يمين التل وحظيرة يسار التل والحظيرة الثالثة احتياط ، وأنا والمساعد
ومدفع هاون صغير اثنين بوصة بالوسط ، وقلت لهم لا أحد يأتي بأي حركة عند
قدومهم ، دعوهم يجلسون وعند سماعكم أول طلقة مسدس مني على رشاشات الحظائر
في اليمين واليسار إطلاق النار صلية واحدة بالهواء ، وإن رأيتموهم
استعملوا سلاحهم أطلقوا النار عليهم ، حيث كان هدفي هو الأسر وليس القتل
لأن الأعراف العسكرية تعتبر قتلهم غدراً بدون إعلان حرب ، لكون بين العرب
والعدو اتفاقية هدنة ، والأعراف الدولية لا تجيز الاعتداء من أحد الطرفين
، وأنا كنت أخطط لأعرض عليهم الاستسلام دون قتلهم لأن ديننا الحنيف لا
يجيز لنا الغدر . وبالفعل أتوا في الوقت المحدد وكن جميعاً متخذين مواقعنا
، علماً بأننا كنا في غابة لا ترى الشخص فيها إلا أن تكون بجانبه ،
فتقدموا خلف بعضهم وجلسوا على رأس المرتفع وألقوا أسلحتهم على الأرض
وأخرجوا طعامهم من حقائبهم وبدئوا في تناول طعامهم وكانوا يبعدون عنا
حوالي خمسين متر تقريباً ، فنهضت لأتقدم إليهم ، فأمسك بي مساعدي وقال :
كلمهم وأنت بالأرض ، فنفضت يده بحالة لا شعورية وتقدمت لمسافة عشرين متر
ولم يروني ، فنهرتهم وقلت : ارفعوا أيديكم ، وإذا بكل واحد وقد أمسك
بسلاحه ، فأطلقت رصاصة من مسدسي وبدأت الرشاشات بإطلاق النار بالهواء ،
فما كان منهم إلا أن ألقوا بسلاحهم ورفعوا أيديهم ، وقلت لهم تقدموا
للأمام عشرة خطوات ، فكررتها أكثر من مرة ، وكانوا يلتفتون لبعضهم البعض
.. حيث لم يفهموا ما أقول ، ولحسن الحظ كان يوجد معهم جندي درزي فهم
المطلوب ، وقلت لهم تمددوا على الأرض ففعلوا .
وقبل وصول المراقبين الدوليين ، وبدأت بالتحقيق معهم وتفتيشهم وأخذ ما
يمتلكون من وثائق وصور ونقود لنضعها في ظروف ونكتب اسم الأسير على الظرف
ونتحقق من رتبته ووحدته وعمله ومهنته وسكن عائلته وموقع وحدته ، فبعضهم
كان يترجى إعطاءه صورة عائلته وكان بعضهم يبكي ، إلا أن الأنظمة لا تسمح
لنا بإعطائهم أي شيء فهذه الأمور من صلاحيات الاستخبارات العسكرية ، وبعد
أخذ إفاداتهم هددتهم بالقتل بالسكين إذا أحد يعطي إفادة أننا دخلنا عليهم
بمنطقتهم ، ولكن عليهم القول أنهم ضللتم الطريق ودخلتم المنطقة الحرام (
بعضهم تقيد بما قلت ، ولكن بعضهم لم يتقيد وأولهم المترجم الدرزي ) ، وعلى
فكرة اليهودي يتمنى أن يقتل بالرصاص أو يوضع بالنار على ذبحه أو تهديده
بالسلاح الأبيض ، المهم أن تناقض أقوالهم نفعنا ولو كانت أقوالهم متطابقة
لحكم علينا بالسجن والطرد لأننا تجاوزنا المنطقة المحرمة بدون أمر ، المهم
حضر ضابط استخبارات الوحدة ( النقيب محمود القضاة ) واستلمهم ، ثم بعد حين
تم إطلاق سراحهم مقابل تحرير جميع الأسرى الأردنيين عند إسرائيل ، وبعد
ثلاثة أشهر تقريباً أتانا ( النقيب خالد الياور ) نيابة عن قائد قائد
الوحدة وعلق وسام الاستقلال من الدرجة الرابعة على كل فرد من أفراد الفصيل
، وبعد الانتهاء من تقليد الأوسمة التفت لي وقال : بكل أسف أنت لم تمنح
وساماً ، وآسف يالطيار أن أقول لك احتمال أن يشكل لك مجلس عسكري . فقلت له
: يا نقيب خالد الجربا أنا حين قمت بهذا لم أفكر بأوسمة أو مكافئة ولا
أبتغيها إلا مرضاة لوجه الله سبحانه . فضحك وقال : أنت لا أحد يستطيع أن
يعلق وسامك إلا الملك حسين . فانفرجت أساريري ، وفعلاً كان لي ذلك . وخالد
الياور الجرباء هو عم غازي الياور الجربا الرئيس العراقي السابق حسب
معلوماتي ، وقد التحق مثلي بالحرس الوطني السعودي لاحقاً برتبة عميد حيث
منحه الجنسية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله
وأطال في عمره . المهم في عيد مراسم الجيش الأردني دعيت لتقليدي الوسام
أمام خمسين ألف إنسان من الجيش والمدعوين والدبلوماسيين ووزراء وكبار
رجالات الدولة والمواطنين ، حيث دعاني قائد المراسم بالمايكرفون وتقدمت
للسلام على الملك وقلدني الوسام وسط تصفيق الجميع وهو يقول ( نعتز بالشباب
مثلك ) .
